حسناً و أیضاً لا یجهّز حملةً ضدّ الدّولة الکافرة فی شرق البلاد الإسلامیّة، لأنّها لم‌تکن تقصد مهاجمة الدّولة الإسلامیّة. إنّ هذا السّلوک النّبویّ هو بکلّ دقّة ما أمره القرآن الکریم حیث قال: لا یَنهی ٰ کُمُ اللهُ عَنِ الَّذینَ لَم یُقاتِلوکُم فِی الدّینِ وَلَم یُخرِجوکُم مِن دِیارِکُم اَن تَبَرّوهُم وَ تُقسِطوا اِلَیهِم اِنَّ اللهَ یُحِبُّ المُقسِطینَ، اِنَّما یَنهی ٰ کُمُ اللهُ عَنِ الَّذینَ قاتَلوکُم فِی الدّینِ وَاَخرَجوکُم مِن دِیـارِکُم وَ ظاهَروا عَلیًّ اِخراجِکُم اَن تَوَلَّوهُم وَ مَن یَتَوَلَّهُم فَاُول ٰ ئِکَ هُمُ الظ ٰ لِمون ) ۳۶ ( ثالثاً: ثمّ إنّنا نلاحظ الرّؤساء و الزّعماء فی الأقطار الإسلامیّة لا یأبهون للشّؤون الدّینیّة و إذا شاءت لهم مصالحهم أحیاناً أن یأمروا شعوبهم بالتّدیّن فإنّما هم یکتفون ببعض المظاهر و الادّعاءات، و ما أکثر الملوک و الرّؤساء فی الأقطار الإسلامیّة الیوم الّذین یعیشون حیاة المنکرات الکبیرة کشرب الخمر و أکل السّحت و الرّبا و القمار و أمثالها بشکلٍ علنیٍّ دون أن یخافوا لومة لائمٍ بعد أن أفهموا شعوبهم باستمرارٍ أنّه لیس من الضّروریّ أن یعمل الزّعماء بالشّریعة، و لم نسمع من فقهاء البلاط و وعّاظ السّلاطین رغم علمهم بارتکاب هؤلاء للموبقات من اعترض علیهم و منعهم من ارتکابها. الأمر الّذی یؤدّی بشکلٍ طبیعیّ لشیوع المفاسد الأخلاقیّة، هذا فی حین کان رسول ا‌لله‌ ( صلّی ا‌لله‌ علیه و آله و سلّم ) أعبد النّاس و أزهدهم و أکثرهم عملاً بالشّریعة. لقد کان و هو الحاکم یری نفسه ملزماً برعایة موازین الحقّ أکثر من باقی المسلمین و هذا هو منطق الإسلام الّذی یضاعف وجوب ذلک علی رؤساء

«35»